الحلقة الأولى
مكتشف الكنز
كان هناك رجل زعمت العلماء أنه اجتاز ببعض المفاوز
(المفاوز جمع مفازة و هي الصحراء التي لاماء فيها), فظهر له آثار كنز.
فجعل يحفر و يطلب فوجد نقوداً ذهبية و نقوداً فضية, فقال في نفسة ن أنا
أخذت في نقل هذا المال فسوف أنشغل بنقله وحفظه. ولكن سأستأجر أقواماً
يحملونه إلى منزلي وأكون أنا آخرهم ولا يكون بقي ورائي شيء يشغل فكري
بنقله وأعطيهم أجرةً يسيرة.
ثم جاء بالحمالين فجعل يحمِل كل واحد منهم ما يطيق فينطلق به إلى منزله.
حتى إذا لم يبق شي من الكنز انطلق خلفهم إلى منزله فلم يجد شيئاً من المال
لا كثيراً ولا قليلاً. وإذا كل واحد من الحمالين قد فاز بما حمله لنفسه
ولم يكن للرجل من ذلك إلا العناء و التعب لأنه لم يفكر في آخر أمرة.
الحلقة الثانية
الجوز الصحيح و الصحيفة الصفراء
لدينا في هذة الحلقة مثلان مرتبطان ببعضهما, فالأول يحكي قصة الرجل الذي قُدم له جوز صحيح لم ينتفع به إلا أن يكسره و يستخرج مافيه.
وهذا المثل مرتبط مباشرةً بمثل الرجل الذي طلب علم فصيح من كلام الناس,
فأتي صديقاً له من العلماء له علم في الفصاحة, فأعلمه أنه يريد علم فصيح.
فرسم له صديقة في صحيفةٍ صفراء فصيح الكلام وتصاريفه ووجوهه. فانصرف بها
إلى منزله فأخذ يحفظها بدون أن يعلم معانيها أو يعلم تأويل مافيها. ثم جلس
ذات يوم في محفل من أهل العلم والأدب فأخذ في محاورتهم, فأخطأ في بعض
الكلمات والجمل, فقال له الجماعة: إنك قد أخطأت, ولم تقل الصواب. فقال:
كيف أخطئ وقد قرأت الصحيفة من أولها إلى آخرها وحفظتها عن ظهر غيب ! فسخط
عليه القوم وعلموا أنه لم يحسن استعمالها.
الحلقة الثالثة
الرجل الصابر على اللص
كان هناك رجل نائم في منزله بعد يوم شاق, فلما انتصف
الليل إذا بسارق قد دخل إلى منزله يريد سرقته, فعلم به وقال: والله لأسكتن
عنه ولا أضايقة حتى يجمع مايريد, فإذا هم بالهروب قمت بالإمساك به
والتنغيص عليه. فجلس في مرقده يغالب النعاس والسارق يجمع كل ما أمامه, حتى
غلبه النعاس فنام وفر اللص. فلما استيقظ وجد اللص قد أخذ المتاع وفاز به.
فأقبل على نفسه يلومها وعرف أنه لم ينتفع بعلمه باللص ولم يقم بما يجب.
الحلقة الرابعة
البصير والأعمى
مثلنا اليوم يدل على أن الإنسان الذي يرتكب خطأً وهو
يعرف أنه كذلك, يكون غير معذور إطلاقاً لما ارتكبه. كما لو أن رجلين
أحدهما بصير والآخر أعمى. هذان الرجلان كانا يمشيان في الغابة فسقطا في
حفرة. فلما استقرا في عقرها كانا بمنزلةٍ واحدة. غير أن البصير غير معذور
أو أقل عذراً من الأعمى لما كانت له عينان يبصر بهما ولم تمنعاه من السقوط